سادتنااللصوص المحترمين .....زوروا انتخاباتكم كما شئتم ، وسوِدوا لصوصكم كماشئتم ، واسرقوا إرادتنا ما وسعتكم السرقة ، وانهبوا آثارنا ما استطعتم ،واسرقوا من لوحاتنا الفنية المقتناة ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع ،واسرقوا الأوناش ما قل منها وما كثر ، وابسطوا نفوذكم على أراضينا جهدطاقتكم ..لكن ... نرجوكم – سادتنا اللصوص – لا تسرقوا لغتنا ، فلغتنامرتبطة بقرآننا .. وسنموت دفاعا عنها ، وإن ظننتم أننا عن مؤامراتكمالخسيسة غافلون ، فأنتم واهمون .
فيبرنامج صباح الخير يا مصر شاهدت الكاتب الصحفي الكبير صبري غنيم ضيفا علىالبرنامج منذ يومين أو ثلاثة ، استخدم الرجل كلمة " النهارده !! "أكثر منسبعين مرة في أقل من ثلث ساعة !! وهو رقم كبير لم أسمعه بهذه الكثافة إلامن الوزير رشيد محمد رشيد الذي يضع كلمة " النهارده !! " بين المضافوالمضاف إليه فيقول مثلا في رده على تحية الصباح ( صباح " النهارده !! "النور)!!
ولا شك في أن الحوار المعتاد بين مذيع وضيف مسموح فيهباستخدام العامية مدام الضيف عاجزا عن التواصل بالفصحى ، أو يجد في ذلكعنتا كبيرا ، ومشقة بالغة تعرقل تدفق افكاره ، لكن الأمر يصبح مستهجَناجدا ، وسخيفا ، وممقوتا ، حين يُستخدم التعبير العامي في سياق رسمييُفتَرَض فيه التزام الوقار واحترام الهوية ، ومن السياقات الرسمية أسماءالبرامج الإعلامية مذاعة كانت أو مرئية أو مطبوعة ، وهو ما بات غائبا عنإعلامنا المصري الموقَّر !! ومن السياقات الرسمية أيضا : الشعاراتالمرفوعة ، والمكاتبات الرسمية ، والمواد الإعلامية شبه الرسمية كنشراتالأخبار .
وقبل عامين عقد الحزب الحاكم المتحكم في مصر ما يسميه (مؤتمره السنوي) تحت شعار مكتوب بالعامية هو [ بلدنا بتتقدم بينا ] وقدأشفقت حد الألم وضحكت حد البكاء يومها وأنا أسمع مذيعة نشرة الثانيةوالنصف ظهرا في إذاعة البرنامج العام ، وهي تقرأ خبر ذلك المؤتمر بطلاقةوسلاسة اعتادتها حتى وصلت إلى عبارة (... ومن الجدير بالذكر أن المؤتمرينعقد هذا العام تحت شعار........[ بلدنا بتتقدم بينا ] ....) أجبلتالمسكينة عندما وصلت إلى الشعار وأحسست بما يعتمل في نفسها من صراع أخلاقي/ مهني : أتترجم تلك العبارة القميئة إلى الفصحى لتنسجم مع سياق النشرةالمعتاد ؟ أم تلفظها كما هي بصياغتها السوقية الرقيعة التي تتنافى وكرامةوعزة أي عربي يحترم لغته وذاته ؟ لو ترجمت المسكينة العبارة لجوزيت وحُققمعها بتهمة مخالفة النص المكتوب ، ولو قرأتها كما هي فقد يتعثر لسانهاالمعتاد الفصحى – وهو ما حدث فعلا !! – فقد أوشكت أن تضع ( ضمة ) علىالفعل المضارع ( تتقدم ) مع وجود الباء العامية في أوله !!هذه الباءالبسيطة( التي كان مؤسس الشعر الحلمنتيشي حسين شفيق المصري رحمه اللهيسميها : حرف جر بالبلدي !! ) هي الفيصل بين العامية والفصحى ، فلو حُذفتمن الشعار لأمكن ضبطه بالشكل ولتحول عربيا فصيحا ، هذه الباء الصغيرة كلفتساويرس – راعي المؤتمر – كما قيل وقتها ، عشرين مليونا من الجنيهات هيتكاليف المؤتمر ، لكنه فيما قيل دفعها راضيا مرضيا عنه حين قبلوا شرطه غيرالمعلن : وهو أن يكون شعار المؤتمر ( بالمصري ) كما يحب دائما أن يردد فيكلامه وفضائياته في مقابل كل ما هو "عربي" !!
ويمكنك أن ترىالعامية الآن تكاد تكون هي السائدة في معظم الإعلانات التجارية التي يتمبثها إذاعيا وتلفزيونيا بل وفي الصحافة المطبوعة .
إنني لا أعرفأين يقبع ذلك الشيطان الرجيم الذي يسوِّق للعامية بهذا التخطيط المحكم ،وبهذا الإصرار العجيب ، وبهذا الإلحاح المتواصل ، فهو ( يُعَمِّي = منالعامية ) كل الإعلانات التجارية ، وأسماء البرامج مثل ( مصر النهارده )وشعارات الحزب الحاكم المتحكم ، ومطبوعات وزارة التعليم الإرشادية التييتم تعميمها على المدارس – وهنا مكمن كبير للخطر – وغيرها من المواقع .
أينيقبع ذلك الشيطان الرجيم الذي يسوِّق للعامية بهذا التخطيط المحكم ، وبهذاالإصرار العجيب ، وبهذا الإلحاح المتواصل؟ أهو في إحدى السفارات الأجنبيةالتي لا يُرد لها طلب ؟ أم في ماسبيرو ؟ أم في الحزب ؟ أم في لاظوغلي؟ أمفي الخصوص من نواحي المرج؟!!!
أيها السادة الكرام ... سادتنااللصوص المحترمين .....زوروا انتخاباتكم كما شئتم ، وسوِدوا لصوصكم كماشئتم ، واسرقوا إرادتنا ما وسعتكم السرقة ، وانهبوا آثارنا ما استطعتم ،واسرقوا من لوحاتنا الفنية المقتناة ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع ،واسرقوا الأوناش ما قل منها وما كثر ، وابسطوا نفوذكم على أراضينا جهدطاقتكم ..
لكن ... نرجوكم – سادتنا اللصوص – لا تسرقوا لغتنا ،فلغتنا مرتبطة بقرآننا .. وسنموت دفاعا عنها ، وإن ظننتم أننا عنمؤامراتكم الخسيسة غافلون ، فأنتم واهمون .