منتديات همسة
سجلات منتدانا افادت بانك غير مسجل لدينا ويتوجب عليك التسجيل لاستخدام كل صلاحيات المنتدى اما لو كنت عضو فى المنتدى فتفضل بالدخول وعرف بنفسك

ادارة منتديات همسة
منتديات همسة
سجلات منتدانا افادت بانك غير مسجل لدينا ويتوجب عليك التسجيل لاستخدام كل صلاحيات المنتدى اما لو كنت عضو فى المنتدى فتفضل بالدخول وعرف بنفسك

ادارة منتديات همسة
منتديات همسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عظماء فى الاسلام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
maro
.
.
maro


الدولة : مصر
ذكر
عدد الرسائل : 469
العمر : 38
رجل اعمال
الهواية : الشعر
نقاط : 1050
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 23/09/2008

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/2/2011, 10:08 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الاسلام زاخر بكثير من العظماء منهم من برزت اعمالة وزاع صيطة فى العصر الاسلامى
ومنهم من اختص باعمالة لنفسة منتظراً جزاء الله العادل
فى هذا الموضوع سنقوم بذكر 30 شخصية عظيمة فى الاسلام لم يلقى عليها الضواء كثيراً
فالنبداء بسم الله

عبد الملك بن عمر

عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز بن مروان
ابن شابه أباه في زهده وعفته وورعه، وكان خير ناصح لوالده في كثير من
المواقف، وكما كان عبد الملك قدوة لأبناء جيله من الشباب فهو أيضا قدوة
لكل شاب يريد أن ينشأ في عبادة ربه ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في
ظله يوم لا ظل إلا ظله.

قال عنه الحافظ أبو نعيم في الحلية: "كان للحق نافذا وللباطل واقذا"

وقال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيت أخير من عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك ومولاه مزاحم.

لم تذكر لنا كتب التاريخ والتراجم مولده ونشأته بقدر ما ذكرت مواقف من
حياته في الزهد والعفة والنصيحة فإلى بعضها من خلال هذه السطور.


موقف من مواقفة


عن هشام بن حسان قال: قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم كم ترانا أصبنا
من أموال المؤمنين قال قلت يا أمير المؤمنين أتدري ما عيالك قال نعم الله
لهم فخرجت من عنده فلقيت ابنه عبد الملك فقلت له هل تدري ما قال أمير
المؤمنين قال وما قال قلت قال هل تدري ما أصبنا من أموال المؤمنين قال فما
قلت له قال قلت له هل تدري ما عيالك قال نعم الله لهم قال عبد الملك بئس
الوزير أنت يا مزاحم ثم جاء يستأذن على أبيه فقال للآذن استأذن لي عليه
فقال له الآذن إنما لأبيك من الليل والنهار هذه الساعة قال لا بد من لقائه
فسمع عمر مقالتهما قال من هذا قال الآذن عبد الملك قال ائذن له قال فدخل
فقال ما جاء بك هذه الساعة قال شيء ذكره لي مزاحم قال نعم فما رأيك قال
رأيي أن تمضيه قال فإني أروح إلى الصلاة فأصعد المنبر فأرده على روؤس
الناس قال ومن لك أن تعيش إلى الصلاة قال فمه قال الساعة قال فخرج فنودي
في الناس الصلاة جامعة فصعد المنبر فرده على رؤس الناس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://egypt.dynamicbb.com
zzz
.
.
zzz


انثى
عدد الرسائل : 192
العمر : 39
نقاط : 249
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/09/2009

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/3/2011, 12:07 am

سنكمل بعض مواقفه


وعن إسماعيل بن أبي حكيم قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فلما تفرقنا
نادى مناديه الصلاة جامعة قال فجئت المسجد فإذا عمر على المنبر فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن هؤلاء أعطونا عطايا ما كان ينبغي لنا أن
نأخذها وما كان ينبغي لهم أن يعطونها وإني قد رأيت ذلك ليس على فيه دون
الله محاسب وإني قد بدأت بنفسي وأهل بيتي أقرأ يا مزاحم فجعل مزاحم يقرأ
كتابا كتابا ثم يأخذه عمر فيقطعه حتى نودي بالظهر.

و عن ميمون ابن مهران قال بعث إلي عمر بن عبد العزيز وإلي مكحول والى
أبي قلابة فقال ما ترون في هذه الأموال التي أخذت من الناس ظلما فقال مكحول
يومئذ قولا ضعيفا كرهه فقال أرى أن تستأنف فنظر إلي عمر كالمستغيث بي قلت
يا أمير المؤمنين ابعث إلى عبد الملك فأحضره فإنه ليس بدون من رأيت قال يا
حارث ادع لي عبد الملك فلما دخل عليه عبد الملك قال يا عبد الملك ما ترى في
هذه الأموال التي قد أخذت من الناس ظلما قد حضروا يطلبونها وقد عرفنا
مواضعها قال أرى أن تردها فإن لم تفعل كنت شريكا لمن أخذها.

وقال إسماعيل بن أبي حكيم قال غضب عمر بن عبد العزيز يوما فاشتد غضبه
وكان فيه حدة وعبد الملك بن عمر بن عبد العزيز حاضر فلما سكن غضبه قال يا
أمير المؤمنين أنت في قدر نعمة الله عليك وموضعك الذي وضعك الله به وما
ولاك من أمر عباده يبلغ بك الغضب ما أرى قال كيف قلت قال فأعاد عليه كلامه
فقال أما تغضب يا عبد الملك فقال ما تغني سعة جوفي إن لم أردد فيها الغضب
حتى لا يظهر منه شيء أكرهه قال وكان له بطين.

عن ابن أبي عبلة قال جلس عمر يوما للناس فلما انتصف النهار ضجر وكل ومل
فقال للناس مكانكم حتى أنصرف إليكم فدخل ليستريح ساعة فجاء ابنه عبد الملك
فسأل عنه فقالوا دخل فاستأذن عليه فأذن له فلما دخل قال يا أمير المؤمنين
ما أدخلك قال أردت أن أستريح ساعة قال أو أمنت الموت أن يأتيك ورعيتك على
بابك ينتظرونك وأنت محتجب عنهم فقام عمر من ساعته وخرج إلى الناس.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع فى عيون وقحة
.
.
دموع فى عيون وقحة


ذكر
عدد الرسائل : 57
العمر : 34
نقاط : 72
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 22/12/2010

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/3/2011, 12:37 am

أول الرماة في سبيل الله

سعد بن أبي وقاص

إنه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
وكان سعد قد رأى وهو ابن سبع عشرة سنة في منامه أنه يغرق في بحر الظلمات، وبينما هو يتخبط فيها، إذ رأى قمرًا، فاتبعه، وقد سبقه إلى هذا القمر ثلاثة، هم: زيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، ولما طلع الصباح سمع أن رسول الله ( يدعو إلى دين جديد؛ فعلم أن هذا هو القمر الذي رآه؛ فذهب على الفور؛ ليلحق بركب السابقين إلى الإسلام.

وتظهر روعة ذلك البطل عندما حاولت أمه مرارًا أن ترده عن طريق الإيمان عبثًا، فباءت محاولاتها بالفشل أمام القلب العامر بالإيمان، فامتنعت عن الطعام والشراب، ورفضت أن تتناول شيئًا منه، حتى يرجع ولدها سعد عن دينه، ولكنه قال لها: أماه إنني أحبك، ولكن حبي لله ولرسوله أكبر من أي حب آخر.

وأوشكت أمه على الهلاك، وأخذ الناس سعدًا ليراها عسى أن يرق قلبه، فيرجع عما في رأسه، فيقول لها سعد: يا أمه، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني فإن شئت كلي، وإن شئت لا تأكلي، وعندها أدركت الأم أن ابنها لن يرده عن دينه شيء؛ فرجعت عن عزمها، وأكلت، وشربت لينزل وحي الله -عز وجل- يبارك ما فعل سعد، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) [لقمان: 15].

ولازم سعد -رضي الله عنه- رسول الله ( بمكة حتى أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر مع المسلمين ليكون بجوار رسول الله ( في محاربة المشركين، ولينال شرف الجهاد في سبيل الله، وحسبه أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماء الكافرين، فقد بعث رسول الله سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى مكان في أرض الحجاز اسمه سابغ، وهو من جانب الجحفة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان أول قتال في الإسلام.

ويوم أحد، وقف سعد يدافع عن رسول الله ، ويحارب المشركين، ويرميهم حتى نالته دعوة الرسول ، حين رآه فسر منه وقال: "يا سعد، ارم فداك أبي وأمي" [متفق عليه]، فكان سعد يقول: ما جمع رسول الله أبويه لأحد قبلي، وكانت ابنته عائشة بنت سعد تباهي بذلك وتفخر، وتقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين.

وذات يوم، مرض سعد، فأتاه رسول الله ليزوره، ويطمئن عليه؛ فتساءل سعد قائلاً: إن قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال له النبي : لا، فقال سعد: بالشطر (نصفه)، قال النبي لا. ثم قال : "الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيّ (فم) امرأتك" [متفق عليه]،

وقد رزق الله سعدًا الأبناء، فكان له إبراهيم، وعامر، وعمر، ومحمد، وعائشة.
وقد كان رسول الله يحب سعدًا، فعن جابر قال: كنا مع رسول الله ، إذ أقبل سعد، فقال : "هذا خالي، فليرني امرؤ خاله" [الترمذي والطبراني وابن سعد].

وكان سعد مستجاب الدعوة أيضًا، فقد دعا له النبي قائلا: "اللهم استجب لسعد إذا دعاك" [الترمذي].

وعين سعد أميرًا على الكوفة، أثناء خلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه- الذي كان يتابع ولاته ويتقصى أحوال رعيته، وفي يوم من الأيام اتجه عمر -رضي الله عنه- إلى الكوفة ليحقق في شكوى أهلها أن سعدًا يطيل الصلاة، فما مر عمر بمسجد إلا وأحسنوا فيه القول، إلا رجلا واحدًا قال غير ذلك، فكان مما افتراه على سعد: أنه لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية -يخرج بالجيش- فدعا سعد عليه قائلاً: اللهم إن كان كاذبًا، فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن، فكان ذلك الرجل يمشي في الطريق، ويغمز الجواري، وقد سقط حاجباه من عينيه لما سئل عن ذلك قال: شيخ مفتون، أصابته دعوة سعد.

وذات يوم سمع سعد رجلاً يسب عليّا وطلحة والزبير، فنهاه فلم ينته، فقال سعد للرجل: إذن أدعو عليك؛ فقال الرجل: أراك تتهددني كأنك نبي؛ فانصرف سعد، وتوضأ، وصلى ركعتين، رفع يديه، وقال: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقوامًا سبقت لهم منك الحسنى؛ وأنه قد أسخطك سبه إياهم؛ فاجعله آية وعبرة؛ فلم يمر غير وقت قصير حتى خرجت ناقة هوجاء من أحد البيوت، وهجمت على الرجل الذي سب الصحابة؛ فأخذته بين قوائمها، وما زالت تتخبط حتى مات.

وحينما اشتد خطر الفرس على حدود الدولة الإسلامية أرسل إليهم الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جيشًا بقيادة سعد بن أبي وقاص، ليقابلهم سعد في معركة القادسية، واشتد حصار المسلمين على الفرس وأعوانهم، حتى قتل الكثير منهم، وعلى رأسهم القائد رستم، ودب الرعب في باقي جنود الفرس، فكان النصر العظيم للمسلمين يوم القادسية، ولم يكن لسعد هذا اليوم فقط في قتال الفرس، بل كان هناك يوم مجيد آخر للمسلمين تحت قيادته، في موقعة المدائن؛ حيث تجمع الفرس في محاولة أخيرة للتصدي لزحف المسلمين، وأدرك سعد أن الوقت في صالح الفرس، فقرر أن يهاجمهم فجأة، وكان نهر دجلة قد امتلأ عن آخره، في وقت الفيضان، فسبحت خيول المسلمين في النهر وعبرته إلى الضفة الأخرى لتقع المواجهة، ويحقق المسلمون نصرًا كبيرًا.

وعندما طعن أبو لؤلؤة المجوسي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، اختار عمر ستة من المسلمين ليتم اختيار خليفة منهم، وأخبر عمر أن الرسول مات وهو عنهم راض، وكان من هؤلاء الستة سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، حتى قال عمر: لو كنت مختارًا للخلافة واحدًا، لاخترت سعدًا، وقال لمن حوله: إن وليها سعد فذاك، وإن وليها غيره فليستعن بسعد، فكان عثمان بن عفان يستعين به في كل أموره.

وحدثت الفتنة آخر أيام الإمام علي -رضي الله عنه- فكان سعد بعيدًا عنهم؛ واعتزلها، وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئًا من أخبارها. وعندما جاءه ابنه عامر يطلب منه أن يقاتل المتحاربين ويطلب الخلافة لنفسه، قال سعد في شفافية المسلم الصادق: أي بني، أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسًا؟ لا والله حتى أعطي سيفًا، إن ضربت به مسلمًا نبا عنه (أي لم يصبه بأذى)، وإن ضربت به كافرًا قتله، ولقد سمعت رسول الله يقول: "إن الله يحب الغني الخفي التقي" [أحمد ومسلم].

وفي سنة (55هـ) أوصى سعد أهله أن يكفنوه في ثوب قديم، كان عنده، وياله من ثوب يشرف به أعظم أهل الأرض، قال لهم: لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم.

وتوفي رحمة الله عليه بالعقيق، فحمل على الأعناق إلى المدينة، ودفن بها ليكون آخر من مات من العشرة المبشرين بالجنة وآخر من مات من المهاجرين -رضي الله عنهم-.

ورمضــــــــــــــــــــــــان كريــــــــــــــــــــــــــــــــم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
maro
.
.
maro


الدولة : مصر
ذكر
عدد الرسائل : 469
العمر : 38
رجل اعمال
الهواية : الشعر
نقاط : 1050
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 23/09/2008

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/3/2011, 1:42 am

عزل سعد ابن ابى وقاس

كان
سيدنا سعد بن أبي وقاص t سادس من أسلم، وخال الرسول ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ورغم فضله ومنزلته إلا أن سيدنا
عمر بن الخطاب لا يتكل على هذه الأمور، بل يحقق في الأمر لأنه يؤمن بأن الله
محاسبه عن كل هؤلاء الولاة، فأرسل من يحقق في الأمر، وكان هذا الرجل كما يقول عنه
علماء التاريخ: إنه رجل المهام الصعبة، هذا الرجل الذي كان النبي
يبعثه في مهامه الصعبة، وهو سيدنا محمد بن مسلمة، وأشهر ما قام به في حياة النبي أنه
كان في السرية التي قتلت زعيم اليهود كعب بن الأشرف وهو الذي قتله، وكانت له
من السرايا بعد ذلك الكثير، ولكن كانت هذه أشهر سرية في حياته t.





فما
كان من سيدنا عمر بن الخطاب t إلا أن أرسل سيدنا محمد بن مسلمة ليحقق في الأمر، ولينظر أتلك
الخلال في سيدنا سعد بن أبي وقاص أم أن القوم عليه مفترون؟





فلما
قدم محمد بن مسلمة الكوفة طاف على القبائل والعشائر والمساجد بالكوفة، فوجد الكل
يثني على سعد خيرًا، حتى انتهى إلى سوق فقابل رجلاً يقال له: أبو سعدة أسامة بن
قتادة، فقال: أنشدك بالله ما فعل سعد فيكم؟ فقال الرجل: أما إذ ناشدتنا فإن سعدًا
لا يقسم بالسوية، ولا يعدل في الرعية، ولا يغزو في السرية. وما إن تجرأ هذا الرجل
على ما قاله حتى تبعه خلق كثير في مقالته، وقالوا: إنه يلهيه الصيد عن القتال في
سبيل الله، وأنه لا يحسن يصلي.


فأرسل
سيدنا محمد بن مسلمة بما سمعه من أهل الكوفة إلى سيدنا عمر بن الخطاب t،
فبعث إليه عمر بن الخطاب بالقدوم عليه إلى المدينة ومعه سعد بن أبي وقاص وأسامة بن
قتادة، فيأتي سيدنا سعد بن أبي وقاص ويشهده سيدنا محمد بن مسلمة على مقولة أسامة
بن قتادة، ويقر أسامة بن قتادة أمام عمر بن الخطاب ما قاله من قبل.





فيدعو
عليه سعد ويقول: "اللهم إن كان قالها كذبًا ورياء وسمعة فأعمِ بصره، وكثر
عياله، وعرضه لمضلات الفتن؛ إنه ظلمني".





وسأل
سيدنا عمر بن الخطاب t محمد بن مسلمة عن هذه المقالة، فقال: إن كثيرًا من أهل السوق
يقولونها. فقال سيدنا عمر: يا سعد، كيف تصلي؟ فأخبره أنه يطول في الركعتين
الأوليين، ويخفف في الأخريين، وما آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله .





فقال
له عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، والله أعلم أن ما يقولونه عليك ما هو بحق،
ولكني أخشى الفتنة. فآثر السلامة وعيَّن مكانه من استخلفه، ثم قال عمر لسعد: من
استخلفت على الكوفة؟ فقال: عبد الله بن عبد الله بن عتبان. فأقرَّه عمر على نيابته
الكوفة، ثم بكى سيدنا سعد بن أبي وقاص، وقال: يزعمون أني أشتغل بالصيد عن قتالي في
سبيل الله، وأنا أول من أراق دمًا في الإسلام، ولقد جمع لي رسول الله
أبويه، وما جمعهما لأحدٍ قبلي؛ ففي غزوة أحد قال له النبي : "ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ
أَبِي وَأُمِّي"[1],
"اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمَيْتَهُ، وَأَجِبْ
دَعْوَتَهُ"[2].





ويدرَأُ
سيدنا عمر بن الخطاب الفتنة بعزله، وهو يعلم أنه بريء من هذه التهم الباطلة، وتمر
الأيام ويطول الزمن بأسامة بن قتادة حتى كبر في السن وعمي بصره، واجتمع عنده عشر
بنات، وكان يسمع بالمرأة فلا يزال حتى يأتيها فيتعرض لها وهو شيخ كبير فانٍ، فإذا
عثر عليه قال: مفتون أصابته دعوة الرجل المبارك سعد بن أبي وقاص, وقال له:
"وكل من تكلم في حق سيدنا سعد بن أبي وقاص أصابته قارعة في جسده، ومصيبة في
ماله بعد ذلك، وقال بعض العلماء: إنهم قُتِلُوا في موقعة الجمل، ومُثِّلَ بهم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://egypt.dynamicbb.com
دموع فى عيون وقحة
.
.
دموع فى عيون وقحة


ذكر
عدد الرسائل : 57
العمر : 34
نقاط : 72
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 22/12/2010

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/4/2011, 5:01 am

الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السّلام

النسب:

هو الإمام المعصوم الرابع علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. والمعروف بين المحدثين بابن الخيرتين فأبوه: الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه من بنات ملوك الفرس. جاء ربيع الأبرار للزمخشري (إن لله من عباده خيرتين فخيرته من العرب بنو هاشم. ومن العجم فارس).

أمه:

اتفقت الروايات على أن أمه من أشراف الفرس، ولكنها اختلفت في تاريخ الاستيلاء عليها من قبل المسلمين. هي: شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى. قال فيه أبو الأسود الدؤلي:

وإن غـلاماً بين كسرى وهاشم***لأكرم من نـيطت عليه التمائم

ولادته:

جاء في بعض الروايات أن ولادة علي بن الحسين (عليهما السلام) يوم الجمعة ويقال يوم الخميس بين الخامس والعاشر من شهر شعبان سنة ثمان وثلاثين أو سبع وثلاثين من الهجرة.

كنيته:

أبو محمد ويكنى بـ(أبي الحسن) أيضاً.

ألقابه:

زين العابدين والسجاد وذو الثفنات والبكاء والعابد ومن أشهرها زين العابدين وبه كان يعرف كما يعرف باسمه. جاء في المرويات عن الزهري أنه كان يقول: (ينادي مناد يوم القيامة ليقيم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين (عليه السّلام) ولقب بذي الثفنات لأن موضع السجود منه كانت كثفنة البعير من كثرة السجود عليه.

أما عن تسميته بالبكاء يروى الرواة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) أنه قال: (بكى علي بن الحسين على أبيه عشرين سنة ما وضع خلالها بين يديه طعام إلا بكى. وقال له بعض مواليه: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف أن تكون من الهالكين، فقال: إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع أبي وإخوتي وبني عمومتي إلا خنقتني العبرة.

وقد روى الرواة كثيراً عن حزنه وبكائه فكان كلما قدم له طعام وشراب يقول: كيف آكل وقد قتل أبو عبد الله جائعاً، وكيف أشرب وقد قتل أبو عبد الله عطشاناًَ. وكان كلما اجتمع إليه جماعة أو وفد يردد (عليهم) تلك المأساة ويقص عليهم من أخبارها. وأحياناً يخرج إلى السوق فإذا رأى جزاراً يريد أن يذبح شاة أو غيرها يدنو منه ويقول: هل سقيتها الماء؟ فيقول له: نعم يا بن رسول الله إنا لا نذبح حيواناً حتى نسقيه ولو قليلاً من الماء، فيبكي عند ذلك ويقول: لقد ذبح أبو عبد الله عطشاناً. كان يحاول في أكثر مواقفه هذه أن يشحن النفوس ويهيئها للثورة على الظالمين الذين استباحوا محارم الله واستهزأوا بالقيم الإنسانية والدعوة الإسلامية من أجل عروشهم وأطماعهم وقد أعطت هذه المواقف المحقة ثمارها وهيأت الجماهير الإسلامية في الحجاز والعراق وغيرها للثورة.

إمامته:

روى الكليني بإسناده عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: (إن الحسين بن علي (عليهما السلام) لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام) فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين (عليهما السّلام) مبطوناً معهم لا يرون إلا أنه لما به فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السّلام) ثم صار ذلك الكتاب إلينا يا زياد‍! قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا والله إن فيه الحدود حتى إن فيه أرش الخدش كما روى المجلسي بإسناده عن محمد بن مسلم قال:

(سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) عن خاتم الحسين بن علي (عليهم السلام) إلى من صار، وذكرت له إني سمعت أنه أخذ من إصبعه فيما أخذ قال (عليه السّلام): ليس كما قالوا، إن الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسين (عليه السّلام) وجعل خاتمه في إصبعه وفوّض إليه أمره كما فعله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأمير المؤمنين (عليه السّلام) وفعله أمير المؤمنين بالحسن (عليهما السلام)، وفعله الحسن بالحسين (عليهما السلام)، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي بعد أبيه، ومنه صار إلي فهو عندي، وإلي لألبسه كل جمعة وأصلي به، قال محمد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي فلما فرغ من الصلاة مد إلي يده فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه: لا إله إلا الله عدة للقاء الله. فقال: هذا خاتم جدي أبي عبد الله الحسين بن علي





أولاده:

روى الشيخ المفيد أن أولاد علي زين العابدين (عليه السّلام) خمسة عشر بين ذكر وأنثى. أحد عشر ذكراً وأربع بنات(7). أكبرهم سناً وقدراً الإمام محمد بن علي الملقب بـ(الباقر). أمه فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السّلام) أولدت له أربعة هم: الحسن والحسين ومحمد الباقر وعبد الله وبه كانت تكنى.

ومما يبدو أن أكبر أولاده محمد الباقر ولد له سنة سبع وخمسين هجرية وكان له من العمر عندما استشهد جده الحسين (عليه السّلام) في كربلاء ثلاث سنوات.

وله من الذكور أيضاً زيد وعمر وأمهما أم ولد.

والحسين الأصغر. وعبد الرحمن وسليمان أمهما أم ولد.

ومحمد الأصغر وعلي الأصغر وكان أصغر أولاده الذكور.

وخديجة وفاطمة وعليّة وأم كلثوم أمهن أم ولد.

وأما زيد بن علي الشهيد فقد نشأ في بيت الإمام زين العابدين حفيد الإمام علي بن أبي طالب باب مدينة العلم. هذا البيت الذي يعد مهد العلم والحكمة. تعلم فيه القرآن الكريم فحفظه واتجه إلى الحديث الشريف فتلقاه عن أبيه حتى أصبح بعد فترة واسع العلم والمعرفة. وبعد أن تركه والده في حدود الرابعة عشرة من عمره تعهده أخوه الإمام الباقر فزوده بكل ما يحتاج من الفقه والحديث والتفسير حتى أصبح من مشاهير علماء عصره ومرجعاً معروفاً لرواد العلم والحديث والحكمة والمعرفة. سافر إلى البصرة عدة مرات وناظر علماءها ومنهم واصل بن عطاء رأس المعتزلة يوم ذاك، ناظره في أصول العقائد.

وقد طلبه هشام بن عبد الملك إلى الشام وكان مجلسه حافلاً بأعيان أهل الشام وخاصته، فقال له: بلغني أنك تؤهل نفسك للخلافة وأنت ابن أمة، فأجابه زيد بن علي على الفور:

ويلك يا هشام أمكان أمي يضعني؟ والله لقد كان اسحق ابن حرة وإسماعيل ابن أمة ولم يمنعه ذلك من أن بعثه الله نبياً وجعل من نسله سيد العرب والعجم محمد بن عبد الله، إن الأمهات يا هشام لا يقعدن بالرجال عن الغايات, اتق الله في ذرية نبيك.

فغضب هشام وقال: ومثلك يا زيد يأمر مثلي بتقوى الله؟

فرد عليه زيد بقوله: إنه لا يكبر أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ولا يصغر دون أن يوصي بتقوى الله.

ومضى زيد في طريقه إلى الكوفة ثم إلى البصرة وأرسل رسائله ورسله إلى المدائن والموصل وغيرهما وانتشرت دعوته في سواد العراق ومدنه ولما بلغ أمره هشام بن عبد الملك أرسل إلى واليه على العراق يوسف بن عمر يأمره بمضايقة زيد ومطاردته وحدثت معركة أصيب فيها زيد فدفنه أصحابه في مجرى ماء حتى لا يصلب أو يحرق، لكن ذلك لم يفده. أحدث قتله استياءً عاماً في جميع المناطق الإسلامية وتجدد البكاء على أهل البيت ولف الحزن كل من يحبهم ويسير على خطاهم.

وممن تحدثت عنهم كتب الأنساب من أولاد الإمام علي زين العابدين عبد الله بن علي الملقب بالباهر:

كان فاضلاً فقيهاً روى عن آبائه وأجداده أحاديث كثيرة. روى بعضهم قال: سألت أبا جعفر الباقر: أي إخوانك أحب إليك وأفضل؟ فقال: أما عبد الله فيدي التي أبطش بها، وأما عمر فبصري الذي أبصر به. وأما زيد فلساني الذي أنطق به، وأما الحسين فحليم يمشي على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً وكان عبد الله يلي صدقات رسول الله وصدقات أمير المؤمنين(. وأما عمر فقد كان ورعاً جليلاً وسخياً كريماً تولى صدقات جده (عليه السّلام) واشترط على كل من يبتاع ثمارها أن يثلم في الحائط ثلمة لكي تأكل منها المارة ولا يرد أحداً عنها، ويروى عنه أنه قال:

المفرط في حبنا كالمفرط في بغضنا أنزلونا بالمنزل الذي أنزلنا الله به ولا تقولوا فينا ما ليس بنا إن يعذبنا الله فبذنوبنا وإن يرحمنا فبرحمته وفضله علينا.

وأما الحسين بن علي (عليه السّلام) فإنه كان فاضلاً ورعاً يروي عن أبيه علي بن الحسين وعمته فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام) التي أودعها الحسين عند خروجه من المدينة إلى كربلاء وصيته، كما روى عن أخيه أبي جعفر الباقر. وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السّلام).

والإمام محمد بن علي زين العابدين المعروف بالباقر عاش سبعة وخمسين عاماً أدرك فيها جده الحسين (عليه السّلام) ولزمه نحواً من أربع سنوات وعاش مع أبيه السجاد بعد جده خمساً وثلاثين سنة وفي طفولته كانت المحنة الكبرى التي حلت بأهل البيت في كربلاء واستشهد فيها جده الحسين ومن معه من إخوته وبني عمه وأصحابه (عليهم السّلام) جميعاً وتجرع هو مرارتها وشاهد بعدها جميع الرزايا والمصائب التي توالت على أهل بيته من قبل الحكام الطغاة الذين تنكروا للقيم والأخلاق وجميع المبادئ الإسلامية وعاثوا فساداً في البلاد ولم يتركوا رذيلة واحدة إلا مارسوها بشتى أشكالها ومظاهرها، في قصورهم الفخمة الأنيقة ونواديهم القذرة الفاجرة.

في هذا الجو المشحون بالظلم والقهر والفساد وجد الإمام الباقر (عليه السّلام) وقد علمته الأحداث الماضية مع آبائه وأجداده خذلان الناس له في ساعات المحنة أن ينصرف عن السياسة ومشاكل السياسيين ومؤامراتهم إلى خدمة الإسلام ورعاية شؤون المسلمين عن طريق الدفاع عن أصول الدين الحنيف ونشر تعاليمه وأحكامه فناظر الفرق التي انحرفت في تفكيرها واتجاهاتها عن الخط الإسلامي الصحيح كمسألة الجبر والإرجاء التي روّجها الحكام لمصالحهم الشخصية. لقد فرضت عليه مصلحة الإسلام العليا أن ينصرف إلى الدفاع عن العقيدة الإسلامية فالتف حوله العديد من العلماء والكثير من طلاب العلم والحديث من الشيعة وغيرهم.

كان عالماً عابداً تقياً ثقة عند جميع المسلمين، روى عنه أبو حنيفة وغيره من أئمة المذاهب المعروفة.

جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: لقد أخبرني رسول الله بأني سأبقى حتى أرى رجلاً من ولده أشبه الناس به وأمرني أن أقرأه السلام واسمه محمد يبقر العلم بقراً، ويقول الرواة إن جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله، وفي آخر أيامه كان يصيح في مسجد رسول الله يا باقر علم آل بيت محمد، فلما رآه وقع عليه يقبل يديه وأبلغه تحية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

وقال فيه محمد بن طلحة القرشي الشافعي: محمد بن علي الباقر هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورفعه، صفا قلبه وزكا عمله وطهرت نفسه وشرفت أخلاقه وعمرت بطاعة الله أوقاته ورسخت في مقام التقوى قدمه، فالمناقب تسبق إليه والصفات تشرف به له ألقاب ثلاثة: باقر العلم، والشاكر والهادي وأشهرها الباقر وسمي كذلك لتبقره العلم وتوسعه فيه.

إخوته:

كان للإمام علي بن الحسين (عليهما السّلام) أخوان علي الأكبر، وعبد الله الرضيع. وقد قتل علي الأكبر مع أبيه في كربلاء، ولا بقية له، وأمه كانت آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب.

أما عبد الله الرضيع فأمه الرباب بنت امرئ القيس وقد قتل أيضاً مع أبيه وأخيه يوم الطف.

أخواته:

وكان له أختان أيضاً: سكينة وفاطمة، فسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس، وأما فاطمة فأمها أم اسحاق بن طلحة بن عبيد الله.

فيكفي في جلالتها كلام الإمام الحسين (عليه السّلام) مع ابن أخيه الحسن بن الإمام الحسن (عليه السّلام) لما جاء إليه خاطباً إحدى ابنتيه: أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله، فلا تصلح لرجل كانت وفاتها في المدينة سنة 117هـ.

أمّا أختها فاطمة فيكفي في فضلها كلام الإمام الحسين (عليه السّلام) مع ابن أخيه الحسن بن الإمام الحسن: أختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أمّا في الديــن فتقوم الليــــل كله وتصوم النهار وفاتها في المدينة سنة 117هـ عن أكثر من سبعين سنة




احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السلام )

إنّ فن الاحتجاج والمناظرة العلمية فنّ جليل لما ينبغي أن يتمتّع به المناظر من مقدرة علمية وإحاطة ودقّة ولياقة أدبية .

وقد تميّز أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) بهذا الفنّ ، واستطاعوا من خلال هذا المجال إفحام خصومهم وإثبات جدارتهم العلمية بنحو لا يدع مجالاً للريب في أنّهم مؤيّدون بتأييد ربّاني ، وكما عبّر بعض أعدائهم : أنّهم أهل بيت قد زُقّوا العِلمَ زقّاً .

وقد جمع العلاّمة الطبرسي جملةً من احتجاجات المعصومين الأربعة عشر ( عليهم السلام ) في كتابه المعروف بالاحتجاج ، ونشير هنا إلى بعض احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) .

1ـ جاء رجل من أهل البصرة إلى الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فقال : يا علي بن الحسين ! إنّ جدّك علي بن أبي طالب قتل المؤمنين ، فهملت عينا علي بن الحسين دموعاً حتى امتلأت كفّه منها ، ثمّ ضرب بها على الحصى ، ثمّ قال :

( يا أخا أهل البصرة ، لا والله ما قتل علي ( عليه السلام ) مؤمناً ، ولا قتل مسلماً ، وما أسلم القوم ، ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام ، فلمّا وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه ، وقد علمت صاحبة الجدب والمستحفظون من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) أنّ أصحاب الجمل وأصحاب صفّين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبي الأُمّي ، وقد خاب من افترى ) .

فقال شيخ من أهل الكوفة : يا علي بن الحسين ! إنّ جدّك كان يقول : ( إخواننا بغوا علينا ) .

فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( أما تقرأ كتاب الله ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ) فهم مثلهم أنجى الله عزّ وجلّ هوداً والذين معه ، وأهلك عاداً بالريح العقيم ) .

2ـ عن أبي حمزة الثمالي قال : دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فقال له : جعلني الله فداك ، أخبرني عن قول الله عز وجل : ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) السبأ : 18 .

قال له ( عليه السلام ) : ( ما يقول الناس فيها قبلكم ) ؟ قال : يقولون إنّها مكّة .

فقال ( عليه السلام ) : ( وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكّة ) ، قال : فما هو ؟

قال ( عليه السلام ) : ( إنّما عنى الرجال ) ، قال : وأين ذلك في كتاب الله ؟ .

فقال ( عليه السلام ) : ( أو ما تسمع إلى قوله عز وجل : ( وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ) الطلاق : 8 ، وقال : ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) الكهف : 59 ، وقال : ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ) يوسف : 82 ، أفيسأل القرية أو الرجال أو العير ؟

قال : وتلا عليه آيات في هذا المعنى ، قال : جعلت فداك ! فمن هم ؟

قال ( عليه السلام ) : ( نحن هم ) ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( أو ما تسمع إلى قوله : ( سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) السبأ : 18 ، قال ( عليه السلام ) : ( آمنين من الزيغ ) .

3ـ روي أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) مرّ بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمنى ، فوقف ( عليه السلام ) عليه ثمّ قال : ( أمسك ، أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم ، أترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله إذا نزل بك غداً ) ؟ قال : لا .

قال ( عليه السلام ) : ( أفتحدّث نفسك بالتحوّل والانتقال عن الحال التي لا ترضاها لنفسك إلى الحال التي ترضاها ) ؟ قال : فأطرق مليّاً ثمّ قال : إنّي أقول ذلك بلا حقيقة .

قال ( عليه السلام ) : ( أفترجو نبيّاً بعد محمّد ( صلى الله عليه وآله ) يكون لك معه سابقة ) ؟ قال : لا .

قال ( عليه السلام ) : ( أفترجو داراً غير الدار التي أنت فيها ترد إليها فتعمل فيها ) ؟ قال : لا .

قال ( عليه السلام ) : ( أفرأيت أحداً به مسكة عقل رضي لنفسه من نفسه بهذا ؟ إنّك على حال لا ترضاها ولا تحدّث نفسك بالانتقال إلى حال ترضاها على حقيقة ، ولا ترجو نبيّاً بعد محمّد ، ولا داراً غير الدار التي أنت فيها فترد إليها فتعمل فيها ، وأنت تعظ الناس ) .

قال : فلمّا ولّى ( عليه السلام ) قال الحسن البصري : من هذا ؟ قالوا : علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، قال : أهل بيت علم ، فما رُئِي الحسن البصري بعد ذلك يعظ الناس .

4ـ روي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : ( لمّا قتل الحسين بن علي ( عليهما السلام ) أرسل محمّد بن الحنفية إلى الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فخلا به ثمّ قال : يا بن أخي ! قد علمت أنّ رسول الله كان جعل الوصية والإمامة من بعده لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ثمّ إلى الحسن ، ثمّ إلى الحسين ، وقد قتل أبوك ( رضي الله عنه ) وصُلّيَ عليه ولم يوص ، وأنا عمّك وصنو أبيك ، وأنا في سنّي وقدمتي أحقّ بها منك في حداثتك ، فلا تنازعني الوصية والإمامة ولا تخالفني .

فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( اتق الله ولا تدّعِ ما ليس لك بحقّ ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين ، يا عم ! إنّ أبي صلوات الله عليه أوصى إليّ قبل أن يتوجّه إلى العراق ، وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عندي ، فلا تعرض لهذا فإنّي أخاف عليك بنقص العمر وتشتت الحال ، وإنّ الله تبارك وتعالى أبى إلاّ أن يجعل الوصية والإمامة إلاّ في عقب الحسين ، فإن أردت أن تعلم فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتّى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك ) .

قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( وكان الكلام بينهما وهما يومئذ بمكّة ، فانطلقا حتّى أتيا الحجر الأسود ، فقال الإمام ( عليه السلام ) لمحمّد : ابدأ فابتهل إلى الله واسأله أن ينطق لك الحجر ثمّ سله ، فابتهل محمّد في الدعاء وسأل الله ثمّ دعا الحجر فلم يجبه ، فقال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ( أما إنّك يا عمّ لو كنت وصيّاً وإماماً لأجابك ) .

فقال له محمّد : فادع أنت يا بن أخي ، فدعا الله بما أراد ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لمّا أخبرتنا بلسان عربيّ مبين مَن الوصي والإمام بعد الحسين بن علي ) ؟ فتحرّك الحجر حتّى كاد أن يزول عن موضعه ، ثمّ أنطقه الله بلسان عربيّ مبين فقال :

اللّهمّ إنّ الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي بن أبي طالب إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، وابن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فانصرف محمّد وهو يتولّى علي بن الحسين ( عليه السلام )) .

وعن الإمام جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين ( عليهم السلام ) قال : ( نحن أئمّة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجّلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وينشر الرحمة ، ويخرج بركات الأرض ولولا ما في الأرض منّا لساخت الأرض بأهلها ) .

ثمّ قال : ( ولم تخلُ الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله ، ولولا ذلك لم يعبد الله ) .






استسقاء الإمام السجاد ( عليه السلام ) لأهل مكة

قال ثابت البناني : كنت حاجّاً مع جماعة من عباد البصرة ، فلمَّا دخلنا مكّة رأينا الماء ضيِّـقاً ، وقد اشتدَّ بالناس العطش لقلة الغيث .

ففزع إلينا أهل مكـة والحُجَّاج يسألوننا أن نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها ثمَّ سألنا الله خاضعين متضرعين بها فَمُنِعْنَا الإجابة .

فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل وقد أكربته أحزانه ، وأقلقته أشجانه ، فطاف بالكعبة أشواطاً ثم أقبل علينا فقال : يا مالك بن دينار ، ويا ثابت البناني ، ويا أيوب السجستاني ، ويا .. ويا ، حتى عدَّنا وعدَّ من جلس معنا ، فقلنا : لبيك وسعديك يا فتى .

فقال : أما فيكم أحد يحبّه الرحمن ؟

فقلنا : يا فتى ، علينا الدعاء وعليه الإجابة .

فقال : أبعدوا عن الكعبة ، فلو كان فيكم أحد يحبّه الرحمن لأجابه ، ثم أتى الكعبة فخرَّ ساجداً فسمعته يقول – في سجوده – : سيدي ، بِحُبِّك لي إلا سقيتهم الغيث .

قال ثابت : فما استتم كلامه حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب .

قال مالك بن دينار : فقلت : يا فتى ، من أين علمت أنه يحبك ؟

قال : لو لم يحبني لم يستزرني ، فلما استزارني علمت أنه يحبني ، فسألته بحبه لي فأجابني .

ثم ذهب عنَّا وأنشأ يقول :

مَن عَرَفَ الرَّبَّ فلم تُغنِهِ


معرفة الرَّبِّ فَذَاكَ الشَّقِي

مَا ضَرَّ في الطاعة ما نَالَهُ


في طاعةِ اللهِ وما ذَا لَقِي

مَا يصنع العبدُ بغير التُّقَى


والعِزُّ كُل العِزِّ للمُتَّقِي

قال مالك : يا أهل مكة ، من هذا الفتى ؟

قالوا : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .




بكاء الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) على أبيه الحسين ( عليه السلام )

روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ان جدّي زين العابدين ( عليه السلام ) بكى على أبيه أربعين سنة ، صائما نهاره ، وقائما ليله ، فاذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ويقول : كـل يـا مـولاي .

فـيقول ( عليه السلام ) : ( قتل ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عطشاناً ) ، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبتل طعامه من دموعه ، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل .

وحدّث مولى له قال : انه برز يوما الى الصحراء فتبعته ، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وانا اسمع شهيقه ، واحصيت عليه الف مرة يقول : ( لا اله الا الله حقا حقا لا اله الا الله تعبدا ورقا ، لا اله الا الله ايمانا وصدقا ) ثم رفع راسه من سجوده وان لحيته ووجهه قد غمرا من دموع عينيه ، فقلت : يا سيدي اما آن لحزنك ان ينقضي ، ولبكائك ان يقل ؟

فقال : ( ويحك ان يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم كان نبيا وابن نبي ، له اثنا عشر ابنا فغيّب الله واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن ، واحـدودب ظـهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حي في دار الدنيا ، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي ، صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ) ؟ .

وذكر اليعقوبي : وجّه المختار برأس عبيد الله بن زياد الى علي بن الحسين في المدينة مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن الحسين ، فاذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس ، فذلك الذي فيه طعامه ، فادخل اليه ، فجاء الرسول الى باب علي بن الحسين ، فلما فتحت ابوابه ، ودخل الناس للطعام ، دخل ونادى بأعلى صوته : يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، ومهبط الملائكة ، ومنزل الوحي ، أنا رسول المختار بن أبي عبيد ، معي رأس عبيد الله ابن زياد ، فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امراة الا صرخت ، ودخل الرسول فاخرج الرأس ، فلما رآه علي بن الحسين قال : ابعده الله الى النار .

وروى بعضهم ان علي بن الحسين لم ير ضاحكا قط منذ قتل ابوه ، الا في ذلك اليوم ، وانه كان له ابل تحمل الفاكهة من الشام ، فلما أتي برأس عبيد الله ابن زياد أمر بتلك الفاكهة ، ففرقت بين أهل المدينة ، وامـتشطت نساء آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) واختضبن ، وما امتشطت امراة ولا اختضبت منذ قتل الحسين بن علي .




رحلة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) من دمشق إلى المدينة
الإمام ( عليه السلام ) في دمشق :

بعد وصول الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) إلى الشام مع أخته زينب ( عليها السلام ) وباقي سبايا آل البيت ( عليهم السلام ) ، ألقى وبحضور يزيد بياناً خالداً عَرَّى فيه سياسة الأمَويِّين الظالمة ، وقد جاء فيه : ( أيُّها الناس ، أُعطينا ستاً وفُضِّلنا بسبع ، أُعطِينا العِلم ، والحِلم ، والسَّمَاحة ، والفَصَاحة ، والشَّجاعة ، والمَحَبَّة في قلوب المؤمنين .

وفُضِّلنا بأنَّ مِنَّا النبي المختار ، والصدِّيق ، والطيَّار ، وأسد الله ، وأسد رسوله ، ومنِّا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، وسبطا هذه الأمة .

أيُّها الناس ، من عَرَفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بِحَسَبي ونَسَبي ، أنا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، وابن خديجة الكبرى ، انا ابن المُرَمَّل بالدماء ، انا ابن ذبيح كربلاء ) .

فضجَّ الحاضرون بالبكاء بعد أن فوجئوا بالحقيقة ، مِمَّا اضطرَّ يزيد أن يأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة ليقطع الخطبة على الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، غير أن الامام سكت حتى قال المؤذن ( أشهد أن محمداً رسول الله ) .

فالتفت ( عليه السلام ) إلى يزيد قائلاً : ( هذا الرسول العزيز الكريم جدُّك أم جدِّي ؟ فإن قلت جدَّك ، علم الحاضرون والناس كلهم أنك كاذب ، وإن قلت جَدِّي ، فلِمَ قتلت أبي ظلماً وعدواناً ، وانتهبت ماله ، وسَبَيْت نساءه ؟ فويل لك يوم القيامة إذا كان جَدِّي خصمك ) .

ووجم يزيد ولم يجر جواباً ، فإنَّ الرسول العظيم ( صلى الله عليه وآله ) هو جدُّ سيِّد العابدين ( عليه السلام ) .

وأما جَدُّ يزيد فهو أبو سفيان ، العدو الأول للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وتبيَّن لأهل الشام أنَّهم غارقون في الإثم ، وأنَّ الحكم الأموي قد جهد في إغوائهم وإضلالهم .

وتَبيَّن بوضوح أنَّ الحقد الشخصي ، وغياب النضج السياسي ، هما السببان لعدم إدراك يزيد عمق ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، مِمَّا أدَّى إلى توهُّمِه بأنها لن تؤديَ إلى نتائج خطيرة على حكمه .

ولعلَّ أكبر شاهد على هذا التوهم هو رسالة يزيد في بدايات تسلّمه الحكم لواليه على المدينة ، والتي أمره فيها بأخذ البيعة من الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، أو قتله وبعث رأسه إلى دمشق إن رفض البيعة .
الإمام ( عليه السلام ) في المدينة المنورة :

بعد أن غادر الإمام السجاد ( عليه السلام ) الشام إلى العراق ، ومن ثم الى المدينة ، وقبل دخوله المدينة أقام خارجها ، ودعا الناس إليه بواسطة أحد الشعراء .

وخطب بهم خطبة وضَّح فيها مأساة أهل البيت ( عليهم السلام ) ومظلوميتهم ، وما لاقوه من الظلم والاضطهاد على أيدي الأمويين ، جاء فيها : ( الحمد لله ربِّ العالمين ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بَعُد فارتفع في السماوات العُلَى ، وقَرُب فَشهد النَّجْوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، ومَضَاضة اللَّوَاذع ، وجَليل الرُّزْء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة ، الكاظَّة ، الفادحة ، الجائحة .

أيُّها القوم ، إن الله - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلْمَة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ، وسُبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزيَّة التي لا مثلها رزيَّة .

أيُّها الناس ، فأيُّ رجالات منكم يُسَرُّون بعد قتله ؟! ، أم أي فؤاد لا يحزن مِن أجله ؟! أم أيَّة عين منكم تحبس دمعها ، وتضنُّ عن انْهمالِها ؟! فلقد بكت السبع الشِّدَاد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسَّمَاوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ، ولُجَج البحار ، والملائكة المقرَّبون ، وأهل السماوات أجمعون .

أيُّها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله ؟! أم أي فؤاد لا يَحنُّ إليه ؟! أم أي سَمْع يسمع هذه الثلمة التي ثُلِمت في الإسلام ولا يُصَمُّ ؟! .

أيُّها الناس ، أصبحنا مطرودين مُشَرَّدين ، مذودين وشاسعين عن الأمصار ، كأنَّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوَّلين ، إنْ هذا إلاَّ اختلاق ، والله ، لو أنَّ النبيَّ تقدَّم اليهم في قتالنا ، كما تقدم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا .

فإنا لله وإنا إليه راجعون ، مِن مصيبة ما أعظمها وأوجعها ، وأفجعها وأكظُّها ، وأفظعها وأمرُّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا ، وأبلغ بنا ، فإنَّه عزيز ذو انتقام ) .

ثم سار ( عليه السلام ) بأهله ودخل المدينة المنورة ، وأخذ يمارس دوراً جديداً مستمسكاً بالنهج الإصلاحي ، والتوعية الفكرية العامة .

لأنه ( عليه السلام ) كان يعلم أن هذا الطريق هو الطريق الشرعي لحماية الرسالة ، والحفاظ على البقية الباقية من أهل البيت ( عليهم السلام ) .

مستفيداً من ذلك في إنجاح خططه تلك ، إنشغال الحكم الأموي وعملائه بإخماد الانتفاضات الإسلامية ، الرافضة لظلم الأمويين ، وبالخصوص خلال السنوات العشر التي أعقبت استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) .

معجزات الإمام زين العابدين (عليه السلام)

يتميّز الأئمّة (عليهم السلام) بارتباط خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب؛ بسبَب مقام العصمة والإمامة، ولهم ـ مثل الأنبياء ـ معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى، وكونهم أئمّة.

وللإمام زين العابدين (عليه السلام) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ، سجَّلتها كتبُ التاريخ، نذكر بعضاً منها(1):

المعجزة الأُولى

عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت، وعلي ابن الحسين يطوف بين يديه، لا يلتفت إليه، ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه.

فقال: مَن هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل: هذا علي بن الحسين. فجلس مكانه، وقال: ردّوه إلي. فردّوه، فقال له: يا علي بن الحسين إنّي لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إلي!

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): إنّ قاتل أبي أفسد - بما فعله - دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو، فكن. فقال: كلاّ، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا.

فجلس زين العابدين وبسط رداءه، فقال: اللّهم أره حرمة أوليائك عندك. فإذا رداءه مملوء درراً، يكاد شعاعها يخطف الأبصار. فقال له: مَن تكون هذه حرمته عند الله يحتاج إلى دنياك؟! ثمّ قال: اللّهم خذها، فلا حاجة لي فيها.
المعجزة الثانية

إنّ الحجّاج بن يوسف كتب إلى عبد الملك بن مروان: إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين. فكتب عبد الملك إليه: أما بعد: فجنّبني دماء بني هاشم وأحقنها، فإنّي رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا فيها لم يلبثوا أن أزال الله الملك عنهم. وبعث بالكتاب إليه سرّاً.

فكتب علي بن الحسين (عليه السلام) إلى عبد الملك من الساعة التي أنفذ فيها الكتاب إلى الحجّاج: وقفت على ما كتبت في حقن دماء بني هاشم، وقد شكر الله لك ذلك وثبت ملكك، وزاد في عمرك.

وبعث به مع غلام له بتاريخ الساعة التي أنفذ فيها عبد الملك كتابه إلى الحجّاج بذلك. فلمّا قدم الغلام وأوصل الكتاب إليه، نظر عبد الملك في تاريخ الكتاب فوجده موافقاً لتأريخ كتابه، فلم يشكّ في صدق زين العابدين (عليه السلام) ففرح بذلك، وبعث إليه بوقر دنانير، وسأله أن يبسط إليه بجميع حوائجه وحوائج أهل بيته ومواليه.

وكان في كتابه (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاني في النوم فعرفني ما كتبت به إلى الحجّاج وما شكر الله لك من ذلك.

المعجزة الثالثة

روي عن أبي خالد الكابلي قال: دعاني محمّد بن الحنفية، بعد قتل الحسين (عليه السلام) ورجوع علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى المدينة، وكنّا بمكّة. فقال: صر إلى علي بن الحسين (عليه السلام) وقل له: إنّي أنا أكبر ولد أمير المؤمنين بعد أخوي الحسن والحسين، وأنا أحقّ بهذا الأمر منك، فينبغي أن تسلّمه إلي، وإن شئت فاختر حكماً نتحاكم إليه. فصرت إليه وأدّيت إليه رسالته.

فقال: ارجع إليه وقل له: يا عم، اتق الله ولا تدع ما لم يجعله الله لك، فإن أبيت فبيني وبينك الحجر الأسود فأينا يشهد له الحجر الأسود فهو الإمام. فرجعت إليه بهذا الجواب.

فقال: قل له: قد أجبتك. قال أبو خالد: فسارا فدخلا جميعا، وأنا معهما، حتّى وافيا الحجر الأسود فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): تقدّم يا عمّ، فإنّك أسن، فاسأله الشهادة لك.

فتقدّم محمّد، فصلّى ركعتين، ودعا بدعوات، ثمّ سأل الحجر بالشهادة إن كانت الإمامة له، فلم يجبه بشئ.

ثمّ قام علي بن الحسين (عليهما السلام) فصلّى ركعتين ثمّ قال: أيّها الحجر الذي جعله الله شاهداً لمَن يوافي بيته الحرام من وفود عباده، إن كنت تعلم أنّي صاحب الأمر وأنّي الإمام المفترض الطاعة على جميع عباد الله، فاشهد لي بذلك، ليعلم عمّي أنّه لا حقّ له في الإمامة.

فأنطق الله الحجر بلسان عربي مبين، فقال: يا محمّد بن علي، سلّم إلى علي ابن الحسين الأمر، فإنّه الإمام المفترض الطاعة عليك، وعلى جميع عباد الله دونك ودون الخلق أجمعين في زمانه. فقبّل محمّد ابن الحنفية رجله وقال: الأمر لك.

وقيل: إنّ ابن الحنفية إنّما فعل ذلك إزاحة لشكوك الناس في ذلك.

وفي رواية أُخرى: إنّ الله أنطق الحجر فقال: يا محمّد بن علي إنّ علي ابن الحسين هو الحقّ الذي لا يعتريه شك - لما علم من دينه وصلاحه - وحجّة الله عليك وعلى جميع مَن في الأرض ومَن في السماء، ومفترض الطاعة، فاسمع له وأطع. فقال محمّد: سمعنا سمعنا يا حجّة الله في أرضه وسمائه.

المعجزة الرابعة

روى جابر بن يزيد الجعفي، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين جالساً مع جماعة إذ أقبلت ظبية من الصحراء، حتّى وقفت قدامه فهمهمت وضربت بيديها الأرض. فقال بعضهم: يا ابن رسول الله، ما شأن هذه الظبية؟ قد أتتك مستأنسة.

قال: تذكر أن ابنا ليزيد طلب من أبيه خشفاً، فأمر بعض الصيّادين أن يصيد له خشفاً، فصاد بالأمس خشف هذه الظبية، ولم تكن قد أرضعته، وإنّها تسأل أن نحمله إليها لترضعه وتردّه عليه.

فأرسل علي بن الحسين (عليه السلام) إلى الصيّاد فأحضره وقال له: إنّ هذه الظبية تزعم أنّك أخذت خشفاً لها، وأنّها لم تسقه لبناً منذ أخذته، وقد سألتني أن أسألك أن تتصدّق به عليها. فقال: يا ابن رسول الله لست أستجرئ على هذا.

قال: إنّي أسألك أن تأتي به إليها لترضعه وتردّه إليك. ففعل الصيّاد. فلمّا رأته همهمت ودموعها تجري، فقال علي بن الحسين (عليه السلام) للصيّاد: بحقّي عليك إلاّ وهبته لها. فوهبه لها فانطلقت مع الخشف وهي تقول: أشهد أنّك من أهل بيت الرحمة، وأنّ بني أُميّة من أهل بيت اللعنة.

المعجزة الخامسة

روى بكر بن محمّد، عن محمّد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: خرج أبي في نفر من أهل بيته وأصحابه إلى بعض حيطانه، وأمر باصلاح سفرة، فلمّا وضعت ليأكلوا أقبل ظبي من الصحراء يتبغم، فدنا من أبي، فقالوا : يا ابن رسول الله ما يقول هذا الظبي؟

قال: يشكو أنّه لم يأكل منذ ثلاث شيئاً، فلا تمسّوه حتّى أدعوه ليأكل معنا. قالوا: نعم. فدعاه، فجاء يأكل معهم، فوضع رجل منهم يده على ظهره فنفر، فقال أبي: ألم تضمنوا لي أنّكم لا تمسّوه؟! فحلف الرجل أنّه لم يرد به سوءاً، فكلّمه أبي وقال للظبي: ارجع فلا بأس عليك. فرجع يأكل حتّى شبع، ثمّ تبغم وانطلق. فقالوا: يا ابن رسول الله ما قال الظبي؟ قال: دعا لكم بالخير وانصرف.

المعجزة السادسة

إنّ أبا خالد الكابلي كان يخدم محمّد بن الحنفية دهراً، وما كان يشكّ أنّه إمام، حتّى أتاه يوماً فقال: إنّ لي حرمة، فأسألك برسول الله وبأمير المؤمنين إلاّ أخبرتني: أنت الإمام الذي فرض الله طاعته؟ فقال: عليّ، وعليك، وعلى كلّ مسلم الإمام علي بن الحسين.

فجاء أبو خالد إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، فلمّا سلّم عليه قال له: مرحباً بك يا كنكر، ما كنت لنا بزوّار! ما بدا لك فينا؟ فخرّ أبو خالد ساجداً لله تعالى لما سمعه منه، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتّى عرفت إمامي.

قال: كيف عرفت؟ قال: إنّك دعوتني باسمي الذي سمّتني به أُمّي، ولقد كنت في عماء من أمري، ولقد خدمت محمّد بن الحنفية عمراً، فناشدته اليوم: أنت إمام؟ فأرشدني إليك فقال: هو الإمام عليّ، وعليك، وعلى الخلق كلهم. فلمّا دنوت منك سمّيتني باسمي الذي سمّتني به أُمّي، فعلمت أنّك الإمام الذي فرض الله عليّ وعلى كلّ مسلم طاعته.

وقال: ولدتني أُمّي فسمّتني وردان فدخل عليها والدي وقال: سمّيه كنكر. ووالله ما سمّاني به أحد من الناس - إلى يومي هذا - غيرك، فأشهد أنّك إمام مَن في الأرض، وإمام مَن في السماء.

المعجزة السابعة

روي عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت الإمام الباقر (عليه السلام) يقول: خدم أبو خالد الكابلي، علي بن الحسين (عليهما السلام) برهة من الزمان، ثمّ شكا شدّة شوقه إلى والديه، وسأله الأذن في الخروج إليهما.

فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): يا كنكر إنّه يقدم علينا غداً رجل من أهل الشام له قدر وجاه ومال، ومعه ابنة له قد أصابها عارض من الجن، وهو يطلب معالجاً يعالجها، ويبذل في ذلك ماله، فإذا قدم فصر إليه أوّل الناس، وقل له: أنا أعالج ابنتك بعشرة آلاف درهم. فإنّه يطمئن إلى قولك، ويبذل لك ذلك، فلمّا كان من الغد قدم الشامي ومعه ابنته وطلب معالجاً.

فقال له أبو خالد: أنا أُعالجها على أن تعطيني عشرة آلاف درهم على أن لا يعود إليها أبداً. فضمن أبوها له ذلك. فقال أبو خالد لعليّ بن الحسين (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): يا خالد إنّه سيغدر بك.

قال: قد ألزمته المال. قال: فانطلق، فخذ بإذن الجارية اليسرى وقال: يا خبيث يقول لك علي بن الحسين: أخرج من بدن هذه الجارية، ولا تعد إليها. ففعل كما أمره، فخرج عنها، وأفاقت الجارية من جنونها، وطالبه بالمال فدافعه فرجع إلى علي بن الحسين (عليه السلام).

فقال له: يا أبا خالد ألم أقل لك أنّه يغدر؟! ولكن سيعود إليها غداً، فإذا أتاك فقل: إنّما عاد إليها لأنّك لم تف بما ضمنت لي، فإن وضعت عشرة آلاف درهم على يد علي بن الحسين (عليه السلام) عالجتها على أن لا يعود إليها أبداً.

فلمّا كان بعد ذلك أصابها من الجن عارض، فأتى أبوها إلى أبي خالد، فقال له أبو خالد: ضع المال على يد علي بن الحسين (عليه السلام) فإنّي أُعالجها على أن لا يعود إليها أبداً.

فوضع المال على يدي علي بن الحسين (عليه السلام)، وذهب أبو خالد إلى الجارية وقال في أذنها كما قال أوّلاً، ثمّ قال: إن عدت إليها أحرقتك بنار الله. فخرج وأفاقت الجارية ولم يعد إليها، فأخذ أبو خالد المال وأذن له في الخروج إلى والديه، فخرج بالمال حتّى قدم على والديه.

المعجزة الثامنة

روى أبو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان فيما أوصى به إليّ أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) أن قال: يا بني إذا أنا مت فلا يلي غسلي غيرك، فإنّ الإمام لا يغسّله إلاّ إمام مثله. واعلم يا بني أن عبد الله أخاك سيدعو الناس إلى نفسه، فامنعه، فإن أبى فدعه، فإن عمره قصير.

قال الباقر (عليه السلام): فلمّا مضى أبي ادّعى عبد الله الإمامة فلم أنازعه، فلم يلبث إلاّ شهوراً يسيرة حتّى قضى نحبه.

المعجزة التاسعة

إنّ حمّاد بن حبيب الكوفي القطّان قال: خرجنا سنة حجّاجاً فرحلنا من زبالة فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة، فتقطّعت القافلة، فتهت في تلك البراري، فانتهيت إلى واد قفر، وجنّني الليل، فآويت إلى شجرة، فلمّا اختلط الظلام إذا أنا بشاب عليه أطمار بيض، قلت: هذا ولي من أولياء الله متى ما أحسّ بحركتي خشيت نفاره، فأخفيت نفسي فدنا إلى موضع، فتهيّأ للصلاة، وقد نبع له ماء، ثمّ وثب قائماً يقول: يا مَن حاز كلّ شئ ملكوتاً، وقهر كلّ شئ جبروتاً، صلّ على محمّد وآل محمد، وأولج قلبي فرح الاقبال إليك، وألحقني بميدان المطيعين لك.

ودخل في الصلاة، فتهيّأت أيضاً للصلاة، ثمّ قمت خلفه، وإذا بمحراب مثل في ذلك الوقت قدّامه، وكلّما مرّ بآية منها الوعد والوعيد يردّدها بانتحاب وحنين، فلمّا تقشّع الظلام قام، فقال: يا مَن قصده الضالون فأصابوه مرشداً، وأمه الخائفون فوجدوه معقلاً، ولجأ إليه العائدون فوجدوه موئلاً.

متى راحة مَن نصب لغيرك بدنه؟! ومتى فرح مَن قصد سواك بهمّته؟! إلهي قد انقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطراً، ولا من حياض مناجاتك صدراً، صلّ على محمّد وآل محمّد، وافعل بي أولى الأمرين بك.

ونهض فعلقت به، فقال: لو صدق توكّلك ما كنت ضالاً، ولكن اتبعني واقف أثري. وأخذ بيدي، فخيل إلي أن الأرض تميد من تحت قدمي. فلمّا انفجر عمود الصبح قال: هذه مكّة. فقلت: مَن أنت بالذي ترجوه؟ فقال: أما إذا أقسمت، فأنا علي بن الحسين.

المعجزة العاشرة

إنّ علي بن الحسين (عليه السلام) حجّ في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك وهو خليفة، فاستجهر الناس منه (عليه السلام) وتشوفوا له وقالوا لهشام: مَن هو؟ قال هشام: لا أعرف. لئلا يرغب فيه، فقال الفرزدق - وكان حاضرا -: بل أنا أعرفه: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ** والبيت يعرفه والحل والحرم إلى آخرها .

فبعثه هشام، وحبسه، ومحا اسمه من الديوان، فبعث إليه علي بن الحسين (عليهما السلام) بصلة، فردّها، وقال: ما قلت ذلك إلاّ ديانة. فبعث بها إليه أيضاً، وقال: شكر الله لك ذلك. فلمّا طال الحبس عليه - وكان يوعده بالقتل - شكى إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فدعا له فخلّصه الله، فجاء إليه وقال: يا بن رسول الله، إنّه محا اسمي من الديوان.

فقال: كم كان عطاؤك؟ قال: كذا. فأعطاه لأربعين سنة، وقال (عليه السلام): لو علمت أنّك تحتاج إلى أكثر من هذا لأعطيتك. فمات الفرزدق بعد أن مضى أربعون سنة.




عتق الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) للعبيد

كان الإمام ( عليه السلام ) دائم العتق للعبيد في سبيل الله ، فقد روي أنه ( عليه السلام ) كان بين الآونة والاخرى ، يجمع عبيده ويطلقهم ، ويقول لهم : عفوت عنكم فهل عفوتم عني ؟ فيقولون له : قد عفونا عنك ياسيدي وما أسأت .

فيقول لهم الإمام ( عليه السلام ) : ( قولوا اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا ، واعتقه من النار كما اعتق رقابنا من الرق ) .

فيقولون : اللهم آمين رب العالمين .


شهادة الإمام عليّ زين العابدين(عليه السلام)(1)
اسمه ونسبه(عليه السلام)

الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيته(عليه السلام)

أبو محمّد، أبو الحسن، أبو الحسين، أبو القاسم... .
ألقابه(عليه السلام)

زين العابدين، سيّد العابدين، السجّاد، ذو الثفنات، إمام المؤمنين، الزاهد، الأمين، المُتهَجّد، الزكي... وأشهرها زين العابدين.
تاريخ ولادته(عليه السلام) ومكانها

5 شعبان 38ﻫ، المدينة المنوّرة.
أُمّه(عليه السلام) وزوجته

أُمّه السيّدة شاه زنان بنت يَزدَجُرد بن شهريار بن كسرى، ويُقال إنّ اسمها: شهر بانو، وزوجته السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام).
مدّة عمره(عليه السلام) وإمامته

عمره 57 سنة، وإمامته 35 سنة.
حكّام عصره(عليه السلام) في سِنِي إمامته

يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
الإمام(عليه السلام) والوليد بن عبد الملك

تأزّم الوضع بعد موت عبد الملك بن مروان واستلام الوليد ابنه زمام الأُمور، حيث بقي الإمام زين العابدين(عليه السلام) مواصلاً لخطواته الإصلاحية بين صفوف الأُمّة الإسلامية، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.

ممّا أقضّ مضاجع قادة الحكم الأُموي؛ بسبب عدم تمكُّنهم من الاستمرار في أهدافهم التحريفية للرسالة الإلهية.

وقد كان الوليد من أحقد الناس على الإمام(عليه السلام)، لأنّه كان يرى أنّه لا يتمّ له الملك والسلطان مع وجود الإمام(عليه السلام)، الذي كان يتمتّع بشعبية كبيرة، حتّى تحدّث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه وفقهه وعبادته.

وعجّت الأندية بالتحدّث عن صبره وسائر ملكاته(عليه السلام)، واحتلّ مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم، فكان السعيد مَن يحظى برؤيته، ويتشرّف بمقابلته، والاستماع إلى حديثه.

وقد شقّ على الأُمويين عامّة هذا الموقع المتميّز للإمام(عليه السلام)، وأقضّ مضاجعهم.

ونقل ابن شهاب الزهري أنّ الوليد قال: «لا راحة لي وعليّ بن الحسين موجود في دار الدنيا»(2)، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام(عليه السلام) والتخلّص منه.
تاريخ شهادته(عليه السلام) ومكانها

25 محرّم 94ﻫ، وقيل: 12 محرّم، المدينة المنوّرة.
سبب شهادته(عليه السلام)

أرسل الخليفة الأُموي الوليد بن عبد الملك سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة، وأمره أن يدسّه للإمام(عليه السلام)، ونفّذ عامله ذلك.

فسمت روح الإمام(عليه السلام) العظيمة إلى خالقها، بعد أن أضاء آفاق هذه الدنيا بعلومه، وعباداته، وجهاده، وتجرّده من الهوى.
دفنه(عليه السلام)

تولّى الإمام محمّد الباقر(عليه السلام) تجهيز جثمان أبيه(عليه السلام)، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له، جيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنوّرة، فدُفن بجوار قبر عمّه الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام).
بكاء الإمام الباقر عليه(عليه السلام)

قال جابر الجعفي: «لمّا جرّد مولاي محمّدُ الباقر، مولاي عليّ بن الحسين ثيابه ووضعه على المغتسل، وكان قد ضرب دونه حجاباً سمعته ينشج ويبكي حتّى أطال ذلك، فأمهلته عن السؤال حتّى إذا فرغ من غسله ودفنه، فأتيت إليه وسلّمت عليه وقلت له: جُعلت فداك مِمَّ كان بكاؤك وأنت تغسل أباك ذلك حزناً عليه؟

قال: لا يا جابر، لكن لمّا جرّدت أبي ثيابه ووضعته على المغتسل رأيت آثار الجامعة في عنقه، وآثار جرح القيد في ساقيه وفخذيه، فأخذتني الرقّة لذلك وبكيت»(3).

قال الشيخ علي التاروتي:

مالي أراك ودمع عينك جامد ** أوَ ما سمعت بمحنة السجّاد

قلبوه عن نطع مسجّى فوقه ** فبكت له أملاك س
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
maro
.
.
maro


الدولة : مصر
ذكر
عدد الرسائل : 469
العمر : 38
رجل اعمال
الهواية : الشعر
نقاط : 1050
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 23/09/2008

عظماء فى الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظماء فى الاسلام   عظماء فى الاسلام Empty8/6/2011, 1:47 am

الليث بن سعد
حاز الليث ابن سعد أربع خصال لم يكملن لعالم: العلم، والعمل، والزهد والورع.
في
سنة 94هـ، وفي أحد أيامها المباركة ولد الليث بن سعد، في قرية (قرقشندة)
من قرى مصر، ونشأ ذلك الطفل بين ربوع تلك القرية، فوجد الأطفال يتعلمون
القراءة والكتابة ويحفظون القرآن الكريم، فأسرع الليث إلى منزله، وأحضر
أوراقه
وقلمه، وبدأ يحفظ القرآن الكريم، ثم درس الحديث والفقه والعلوم العربية، فسبق زملاءه، وساعده على ذلك نبوغه المبكر، وذكاؤه الفريد.
واصل
الليث الدراسة والتعلم والحفظ، فكان كلما قرأ شيئًا في الفقه أو الحديث
عَلَقَ بذاكرته وحفظه فلا ينساه أبدًا، فقد كان قوي الذاكرة، جيد الحفظ،
ولفت الفتى الليث الأنظار إليه بعلمه وورعه، وأصبحت له مكانة كبيرة بين
أهله، يعرفون
فضله، ويقدمونه على من سواه، ولكن الفتى لم يغترَّ بهذه
الشهرة، ولم يخلد إليها ولا إلى التقدير الذي كان له وسط العلماء، بل
استمر يتعلم ويتزود وينهل من غيره من العلماء، حتى صار أستاذًا يدرس
للعلماء.
واشتاقت نفس الليث يومًا لزيارة بيت الله الحرام وزيارة
المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فشدَّ رحاله وأعد نفسه للسفر، وهناك في تلك
الأراضي المقدسة كانت حلقات العلم منتشرة في كل مكان؛ والتقى هناك بـ(عطاء
بن أبي رباح) و(ابن أبي مليكة) و(نافع مولى ابن عمر) و(ابن شهاب الزهري)..
وغيرهم، فأخذ عنهم ونهل منهم رغم رسوخه في العلم، ومضت الأيام والسنون،
وأصبح الليث شيخًا جاوز الخمسين من عمره، وهو لا يمل العلم والتعلم؛ حتى
أصبح من كبار العلماء في عصره.
وكان الإمام الفقيه الليث بن سعد
غنيًّا، ينفق كل سنة على الفقراء والمساكين أكثر من خمسين ألف دينار ولا
يدخر منها شيئًا لنفسه، ويتصدق في كل صلاة على ثلاثمائة مسكين، ويطعم
الناس عسل النحل وسمن البقر في الشتاء، واللوز والسكر في الصيف.
جاءته امرأة ذات يوم وقالت له: يا شيخنا، إن لي ابنًا مريضًا يشتهي أكل
العسل،
فقال الليث: يا غلام، أعطها مرطًا من عسل (والمرط: مائة وعشرون رطلاً)
وكان مع المرأة إناء صغير الحجم، فلما رآه الغلام قال: يا شيخنا إنها تطلب
قليلاً من العسل، فقال الليث: إنها طلبت على قَدْرِهَا ونحن نعطيها على
قدرنا، وأمره أن يعطيها المرط.
ولم يكن الليث بن سعد كريمًا على أهل
بلده فحسب، بل كان سخيًّا كريم اليد على الآخرين، فيحكى عنه أنه لما جاء
إلى المدينة المنورة بعث إليه الإمام مالك بن أنس بطبق من الرطب، فلم يشأ
الليث أن يرد الطبق إلى الإمام مالك خاويًا، فوضع في الطبق ألف دينار ورده
إليه.
وقد شهد له كثير من علماء عصره بعلمه وفضله؛ سئل الإمام أحمد بن
حنبل ذات مرة عن الليث، فقال: الليث بن سعد كثير العلم، صحيح الحديث، وقال
عنه
يحيى بن بكير: ما رأيت أحدًا أكمل من الليث بن سعد، كان فقيه
البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن
المذاكرة، لم أَرَ
مثله.
وقد عرض عليه الخليفة المهدي ذات يوم أن يتولى القضاء، ويعطيه من بيت المال
مائة ألف درهم، فرفض وقال: إني عاهدت الله ألا ألي شيئًا، وأعيذ أمير المؤمنين
بالله
ألا أفي بعهدي، فقال له المهدي: الله.. قال الليث: الله.. قال المهدي:
انطلق فقد أعفيتك، وكان الليث زاهدًا في حكام الدنيا، مشغولاً عن الجاه
والسلطان بغرس الأخلاق العظيمة في نفوس الناس، وكان يصل النهار بالليل في
العلم والعبادة ليرضي ربه.
وفي سنة 175هـ توفي الإمام الكبير الليث بن سعد، فحزن الناس عليه حزنًا
شديدًا،
وكان الشافعي -رضي الله عنه- يحب لقاءه، فلم يمهله القدر فوقف يومًا على
قبره وقال: لله درك يا إمام، لقد حزت أربع خصال لم يكملن لعالم:
العلم، والعمل، والزهد، والورع.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://egypt.dynamicbb.com
 
عظماء فى الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مواقع بكل اللغات يسرد سيره الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح الاسلام أرجو ألتثبيت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات همسة :: القسم الاسلامى :: المسابقات الرمضانية-
انتقل الى: